رواية الإخوة كارامازوف
رواية الاخوة كرامازوف واحدة من أروع إبداعات دوستويفسكي، إحدى أعظم روايات الأدب الكلاسيكي الروسي والعالمي في القرن التاسع عشر.
كتبت الرواية في خضم الأزمة الثورية المتزايدة في البلاد أنذاك، خلال فترة تطور مكثف للرأسمالية في روسيا وأعلى صعود لحركة التحرير الشعبية، على الرغم من الرجعية السلفية و الأفكار الملكية والموقف العدائي للكاتب للحركة الثورية، كان يدرك تمامًا أن المجتمع الروسي كان في حالة تخمر عميق، ويعاني من أزمة أيديولوجية وأخلاقية ذات قوة وتوتر هائلين.
تللخيص رواية الاخوة كرامازوف الجزء2 |
تلخيص رواية الإخوة كارامازوف
في الجزء الثاني من رواية الإخوة كارامازوف قصة المفتش، يكتبها ايفان و يحكيها لأخيه المؤمن أليوشا، مضمون الرواية يحكي عن عودة المسيح في القرن 15 الميلادي أي بعد 15 قرن من صلب سيدنا المسيح. في اشبيلية كانت الكنيسة الكاتولوكية هي المسيطرة على أشبيلية وعلى أوروبا ككل، وتعرف تجاوزات وإبادات في حق الأقليات هناك، ومن خلال السرد نشتم أن المؤلف يتحدث عن واقع النظام السوفيتي ظاهرياً الذي يرتكب إبادة كاملة للمؤسسات والأفكار الدينية وكان الإلحاد المتشدد يتمركز في إديولوجية الحزب الشيوعي السوفيتي، وذو أولوية قصوى لدى جميع قادة الاتحاد السوفيتي. شخصية ستالين وكل الطغاة والدمويين في هذا العالم، اقتناعاً منهم أن الملحدين يعتبرون الأفراد الأكثر أفضيلة من أولئك أصحاب المعتقد الديني.
أقامت الدولة الإلحاد على أنه الحقيقة العلمية الوحيدة، إن انتقاد الإلحاد أو سياسات الدولة المناهضة للدين كان محظوراً ويمكن أن يؤدي إلى السجن أو الاعتقال أو الوضع تحت الإقامة الجبرية، إن التمسك بالدين لم يكن أبداً محظوراً بشكل رسمي. وكانت الدساتير السوفيتيتة تضمن دائماً حق الاعتقاد. ومع ذلك - منذ أن فسر لينين الايديولوجية الماركسية وفرض ورثته أن الدين كان عقبة أمام بناء المجتمع الشيوعي - فإن وضع حد لجميع الأديان (واستبداله بالإلحاد كان هدفأ إيديولوجياً ذو أهمية أساسية للدولة . إن اضطهاد الدين تم تنفيذه رسمياً من خلال العديد من التدابير القانونية التي تم تصميمها لعرقلة الأنشطة الدينية، ومن خلال الحجم الهائل من الدعاية المناهضة للدين، فضلا عن التعليم، وعن طريق وسائل أخرى مختلفة. ومع ذلك فإن الاضطهاد الرسمي يرافقه الكثير من التعليمات السرية التي بقيت غير رسمية، من الناحية العملية سعت الدولة أيضا للسيطرة على الهيئات الدينية والتدخل بهم بهدف نهائي متمثل في جعلها تختفي، ولهذا الغرض، سعت الدولة إلى السيطرة على أنشطة قادة مختلف الطوائف الدينية. غالباً ما كان يتخفى الاضطهاد الرسمي تحت العبارات المنمقة في مستندات الحزب الرسمية مثل "النضال ضد أيديولوجية البرجوازية، نشر الفكر المادي...
كانت المحارق مشتعلة حرقت الكنيسة حوالي 30 ألف عالم و9 ملايين شخص بتهمة السحر والهرطقة، والتقليل من شأن المسيح، الرواية عبارة عن قصة لقصيدة نثرية يحكيها ايفان لأخيه عن مفتش زنديق.. حين كثر الظلم والمحارق من طرف الكاردينال التابع للبابا كاتوليكي، ولهذا نزل سيدنا المسيح.
بحضور الملك ، والمحكمة ، والفرسان ، والكاردينالات ، وسيدات البلاط الأكثر سحرًا. ، مع عدد كبير من السكان من جميع إشبيلية ، تقدم سيد المسيح وسط الملأ ابتهج الجميع بعودته والشعب كله بكى، وسجدوا له وكله صرخ إنه هو؟ احاطوا به ، إذا برجل عجوز أعمى يطلب منه بركة الشفاء فحصل على ما أراد، تابع خطواته منتصب القامة نحو تابوت طفلة صغيرة ترجته أمها أن يحيي ابنتها ان كان فعلا السيد المسيح،فتمتم بكلمات، شهدت المعجزة بتحريك الفتاة عينيها، حيث انبهر الحاضرون، وفي هذه الأثناء دخل الكاردينال أو المفتش العام الكنيسة بعد أن تابع الأحداث من بعيد مكفهر الوجه، ثم أشار للحرس من الرهبان أن يعتقلوا سيد المسيح في زنزانة مظلمة، وفي منتصف الليل ينفتح باب السجن واذا بالكاردينال يأخذ شعلة النار من النار ويقترب من باب زنزانته وهنا سيبدأ الحوار بينهما...
الكاردينال
عجوز في التسعين من عمره، يتولى منصب قضائي في محاكم التفتيش في أشبيلية بأسبانيا، له سلطة قضائية هائلة عبر إحراق المخالفين للكنيسة أياً كان المخالفين سواءً يهود أو مسلمين وغيرهم.. في يوم من الأيام التي يأمر فيها المفتش العام بإحراق أكثر من مائة شخص، يظهر المسيح بين الجموع، فتخضع له كل القلوب والعقول، إلا أن المفتش العام كان له رأي آخر، فأمر باعتقاله وزج به في السجن. وفي ليلة مظلمة يتسلل إلى السجن ويضع المصباح على طاولة السجن ويخاطب السجين: أهذا أنت؟ أنت حقاً؟ وعندما لم يسمع جواباً تابع بسرعة: لا تجب! وما الذي يمكن أن تقوله؟ لماذا أتيت تعيق عملنا؟
تحليل الجزء الثاني من رواية الإخوة كارامازوف في شخص المفتش العام-الكاردينال-
“المفتش العام” هو ذروة أعمال دوستويفسكي في أدبه. وهناك من قال أن المفتش العام يمثل كلمة دوستويفسكي الأخيرة. وهناك من قام برسم فلسفة اللامتنمي على أساس هذا الفصل، مثل كولن ولسون الذي اعتبر إيفان أروع مثال لشخصية و أفكار ومواعظ اللامنتمي. وهناك من عبر عن هذا الجزء عبر عدة رؤى وليست رؤية واحدة، فبينما يقول هنري ترويا في كتاب دوستويفسكي أن إيفان كان يدافع عن السيد المسيح والإيمان الحقيقي بشكل أفضل مما يقوم به أياً كان في أسطورة المفتش العام، يشير نقاد آخرون أن هدف دوستويفسكي من كتابة الرواية هو أن يحلل الإلحاد لكي ينقضه، لكن دوستويفسكي في فنه، وتحديداً في فصل المفتش العام، تغلب على غرضه في هذه القصة فجعل حالة إيفان عديمة الحل.
هذا النص عميق ومبدع، اختلط فيها صوت المفتش العام بصوت الشيطان المذكور في المونولوج، فحدث نوع من الخلط بين قصة وأخرى. هذا الحوار حاول ابراز غواية المسيح من طرف المفتش العام ومثل هذا الأخير مكان الشيطان، وتستند أسطورة المفتش العام على الإصحاح الرابع من إنجيل لوقا الذي يروي كما يعرف بالتراث المسيحي يقول النص:
"وأما يسوع فرجع من الأردن ممتلئاً من الروح القدس، فاقتاده الروح في البرية أربعين يوماً، وإبليس يجربه، و لم يأكل شيئاً طوال تلك الأيام. فلما تمت جاع، فقال له إبليس: إن كنت ابن الله، فقل لهذا الحجر أن يتحول إلى خبز، فرد عليه يسوع قائلاً: قد كتب: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة من الله. ثم صعد إبليس إلى جبل عال وأراه ممالك العالم كلها في لحظة من الزمن وقال له: أعطيك السلطة على هذه الممالك كلها وما فيها من عظمة، فإنها قد سُلمت إليّ وأنا أعطيها لمن أشاء. فإن سجدت أمامي تصير كلها لك، فرد عليه يسوع قائلاً: قد كتب: للرب إلهك تسجد وإياه وحده تبعد. ثم اقتاده إبليس إلى أورشليم وأوقفه على حافة سطح الهيكل وقال له: إن كنت ابن الله فاطرح نفسك من هنا إلى الأسفل، فإنه قد كتب: يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك، فعلى أيديهم يحملونك لئلا تصدم قدمك بحجر، فرد عليه يسوع قائلاً: قد قيل، لا تُجرب الرب إلهك".
استناداً إلى هذا النص، المفتش العام يطرح مشكلة الحرية أمام خيار صعب : إما أن يكون للفرد استقلالية مع أنواع مختلفة من العذاب المعنوي والنفسي والأخلاقي، أو يتجه للرفاهية مع الاستسلام والخضوع التام. خيار المسيح كما في نص لوقا أنه يريد جعل الناس أحرار، أحرار إذا أرادوا الإيمان أم لا. إن كان من فرد سيؤمن يجب أن يؤمن بكامل حريته دون الخبز.
ولكن المسيح سيذهب إلى الناس خالي اليدين إلا من وعد بالحرية، لم يرد أن يحرّم على الإنسان حريته، فأي حرية تلك التي تكون ثمنها بالخبز؟ هكذا حكم المسيح الأمر بالقول: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان. المفتش العام يرفض هذه الحرية ويدينها لأنه لا يفكر بالفرد بقدر ما يفكر بالجماعة ككل. فإن كان هناك من فرد حر سيتبع المسيح بكامل إرادته، فإن هناك أناس كثر – وهم الأغلبية – جائعون وثائرون ويحملون في نفوسهم بذور التمرد والعصيان، مستعدين للتضحية بالحرية في سبيل الخبز الأرضي لا الخبز السماوي. المفتش العام يريد السيطرة على حريات الناس التي ضاعفها المسيح من أجل سعادتهم.
حسب تصور المفتش العام كما يقول: بدل أن تمتلك حريات البشر وسعتها وضاعفتها وأثقلتها بعذابات ملكوت الإنسان الأبدي، لقد رغبت بأن يمنحك الإنسان حُبّه الحر وأن يتبعك بكامل حريته، مفتوناً ومأسورا بك. وضعت قانوناً آخر يجبر الإنسان بقلبه الحر أن يميز الخير من الشر!. المفتش لا يتوقف في هجومه ودعواه الهجومية وهو يرتدي رداء الدين. في نظره: الأسئلة التي ألقاها الشيطان تمثل جوهر الإنسانية جمعاء. فلو قبل المسيح الخبز الأرضي لظهر البيان والواضح حول حاجة الفرد والجماعة وهي تتمثل في السؤال الأكبر: لمن سننحني؟ وتتوالى ادعاءات المفتش العام تجاه جوهر الأسئلة التي ألقاها الشيطان على المسيح. المسيح حسب النص رفض أن يجيب الشيطان بأي شيء، لكن المفتش العام ينتقده لعدم موافقته على أياً منها، فلو أجاب على أياً من الأسئلة لأقام مملكة السلام على الأرض من جديد دون أن يضع الإنسان في ضياع نفسي وأخلاقي رهيب. المأزق الذي يضع فيه المؤلف قارئه أن المونولوج في يد المفتش العام فقط. وهو يتحدث نسمع دعوى هائلة لإنقاذ البشرية من المأزق الذي وجدت نفسها فيه.
الاختلافات حول الرؤية النقدية اتجاه المفتش العام
من أجل ذلك بالإمكان فهم هذه الاختلافات حول الرؤية النقدية اتجاه المفتش العام. من قال أن إيفان في قصيدة المفتش العام كان يدافع عن الإيمان الحقيقي وعن المسيح فهو أمر حقيقي. ومن قال أنه دافع عن الإلحاد بدل أن ينقده وأن المفتش العام كان على صواب فهو صادق كذلك لأن المفتش العام كان يتحدث عن تجربة تسعين سنة لم يكن لها من هدف إلا السعادة لكل الضعفاء. أي أن في النص سيكولوجيتين بالإمكان من خلالها الدفاع عن الشيء ونقيضه. وهذا الأسلوب اتبعه المؤلف في فصول المحاكمة عن طريق الأدلة. فالمدعي العام مثلاً كان يدين المتهم بأدلة مادية. ومحامي الدفاع كان يدافع عن المتهم بنفس أدلة الاتهام، ولكن دون تقديم الأدلة المادية فحسب، بل يشحنها بتحليل نفسي واجتماعي حتى تصبح أدلة الاتهام دليل للبراءة.
شخصيات الجزء الثاني من رواية الإخوة كارامازوف "دوستويفسكي"
هناك شخصيات مشرقة في الأخوة كرامازوف، رغم هذا الظلام المريع الذي يكتنف الشخصيات الكبيرة أمثال العجوز وديمتري وإيفان وسمردياكوف. من الشخصيات المشرقة هي شخصية أليوشا، بطل دوستويفسكي الأثير والوجه المشرق للحياة. في بداية حياته أراد أن يصبح راهباً وأن يعتزل الحياة بشكل كامل. مستعد لأن يفعل أي شيء في سبيل أن يوقف الصراع الهمجي بين أبيه وأخيه. ما كان له أن يفعل شيئاً لو كان في الدير معتزلا، نابذاً الألم الذي يسطع في الأرجاء. لكن الوجه المشرق الثاني، الشيخ زوسيما، يرفض وجود أليوشا في الدير. لأن مكانه الحقيقي ليس هنا في عالم كله رهبانية وصلوات. مكانه الحقيقي أن يعيش في هذا العالم المسعور ويتذوق الألم بكل قوة. وبتذوقه لهذا الألم يستطيع أن يعرف العذابات الإنسانية. شخصية أليوشا رغم طيبتها وجمالها إلا أنها أكثر واقعية من شخصية الأبله الذي لا يعرف الشر على الإطلاق. وهو ما أكسب الرواية حضوراً قوياً وإن كان أليوشا غير مؤثر في مسار الأحداث في عالم الكبار.
تحركت مكنونات دوستويفسكي كلها في هذا الجزء الثاني من ملخص رواية الإخوة كارامازوف The Brothers Karamazov .
لمتابعة قراءة ملخص رواية الجزء الأول من رواية الاخوة كارامازوف
يجب تحميل ملخص الجزء الأول للاستفادة أكثر.