نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الجمعة، 24 ديسمبر 2021

مؤلف" ظاهرة الشعر الحديث" وفصوله الأربعة (4)

فصول ظاهرة الشعر الحديث الأربعة 

عرض الناقد مُؤلَّف ظاهرة الشعر الحديث مبرزا أهم التطور التدريجي للشعر العربي عبر مدارس مختلفة، كان الشاعر مقيدا من طرف النقاد واللغويين حين ربطوا الشعر بأسس ومعايير خاصة، تحد من حرية إبداعه وتعبيره، فانبثق نور حركة الشعر الحديث من جدار الظلام، وبزغ شعاعه حين انتفضت الحركة وسارعت نحو التجديد، وقامت بتغيير جذري، أعادت  فيه الاعتبار لهموم الشاعر والتي همشتها مدرسة إحياء النموذج  التي تحاكي الشعراء القدماء في لغتهم وأسلوبهم، ليقفز التطور بثقله مضمونا وشكلا للتعبير بإحساس ذاتي ولغة سهلة وبسيطة، وفي هذا الملخص سنتابع منهجية تحليل مؤلف ظاهرة الشعر الحديث من خلال الفصول الأربعة.

تلخيص الفصل الأول ظاهرة الشعر الحديث

 

 

تلخيص فصول ظاهرة الشعر الحديث


يتكون مؤلف ظاهرة الشعر الحديث من أربعة فصول موزعة كالتالي :


÷÷ظاهرة الشعر الحديث الفصل الأول:

-I التطور التدريجي للشعر



ذكر الكاتب في الفصل الأول مجموعة من التجارب الشعرية التي مهدت إلى التطور التدريجي للشعر الحديث، منها التجربة الإيحائية والتجربة الرومانسية.


لقد عرف الشعر الحديث تطورا كبيرا، بسبب عدة عوامل متنوعة، وهناك عاملين أساسين ساهما في هذا التطور وهما :


-الانفتاح على الآداب و الثقافات الأجنية عن طريق الصحافة والبعثات الطلابية وكذلك الكتب ...


- الحرية التعبيرية..


وقد فسر المؤلف أن ماحدث من تطور في العصر العباسي ناتج عن هذين العاملين، بحيث انفتحوا على الأدب اليوناني والفارسي وغيرهم ....، كما لعبت المدارس التقليدية هذا الدور في تطوير الشعر وازدهاره، بحيث أصبحت القصائد تضاهي الشعر القديم من حيث الأسلوب والإيقاع واللغة والصور الشعرية.... وهذا ما مهد ظهور التجديد في الشعر وخاصة الشعر الحر والشعر الرومانسي.

-II التجربة الشعرية الرومانسية




لعبت التجربة الشعرية الرومانسية دورا مهما في تطوير الشعر العربي من حيث المضمون والخصائص الفنية، وهذه التجربة الشعرية تتضمن ثلاث مدارس وهي مدرسة الديوان، والرابطة القلمية المعروفة بالشعر المهجري، وجماعة أبولو.

1 - مدرسة الديوان :




اتفق رواد هذه المدرسة على فكرة واحدة وهي أن الشعر وجدان لكنهم اختلفوا في تفسير هذا المصطلح.


- فالعقاد مثلا يرى أن الوجدان هو مزيج من الشعور والفكر


- عبد الرحمان شكري، يقول: أن الوجدان هو التأمل في أعماق الذات بأبعادها الشعورية واللاشعورية ....


- عبد القادر المازني: يرى أن الوجدان هو تعبير عما يفيض به النفس من شعور وعواطف....


ورغم ذلك فإن التجديد لم يخلُ من النقد و ظل ناقصا في مدرسة الديوان، بحيث اقتصر على التنظير وتأمل أفكار.

2- الرابطة القلمية




في هذه المدرسة وسع شعراء الرابطة القلمية أوالمهجريون مفهوم الوجدان ليشمل النفس والحياة والكون، ومن أهم شعراء المرحلة جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، إليا أبوماضي، فمثلا:


- جبران خليل جبران: يرى أن الحياة مليئة بالضجيج ولذلك هرب بأحلامه إلى الغاب و الطبيعة، مفضلا حياة الفطرة على الحضارة وقيودها.


- ميخائيل نعيمة : انقطع إلى التأمل بنفسه بأن ملكوت الله موجود في داخل الإنسان، كما أن الوجود هو دورة عبث، يستوي فيها الموت مع الحياة، ولذلك لا فائدة من الطموح والكفاح.


- إليا أبو ماضي: وجد أن طريقة التخلص من الشقاء والموت هي الاعتصام بالخيال والقناعة والرضا الذي يتحول إلى الاستسلام.
ولهذا خلص المجاطي على أن تجربة شعر مدرسة الرابطة القلمية ظل حبيس الذات والمضامين السلبية.


3- جماعة أبولو:


أُنشئت هذه الجماعة بمصر سنة 1932في هذه المدرسة لم يختلف روادها كثيرا عن مدرسة الديوان والرابطة القلمية ومن أهم شعراء جماعة أبولو :


ابراهيم ناجي، الصيرفي، أبو القاسم الشابي، عبد المعطي الهمشري، علي محمود طه...
-
ابراهيم ناجي : كان محور شعره يدور عن الحب و عن المرأة.

-
الصيرفي : فشله في الحب يتحول إلى يأس، ويعيش الألم والإحباط، هذا جعله يزهد في الحياة وينطوي على ذاته، ويبدع في شعر الآلام.

-
ابو القاسم الشابي: كان يعتقد أن حياته ستنتهي، ولهذا هام في الحياة والطبيعة، وتغنى بالحرية والحب والجمال


-
عبد المعطي الهمشري : كان محبا للطبيعة، متأملا الحياة وما وراء هذا الكون والوجود


-
علي محمود طه : كان يعيش حياة مطمئنة بعيدة عن الهموم ومصاعب الحياة، لذلك توج شعره بالغبطة والسرور.


III- ظاهرة الشعر الحديث لأحمد المجاطي



حسب أحمد المجاطي فإن هذه الجماعة وقعت في تكرار ماجاء به رواد مدرسة الديوان والرابطة القلمية، غير بعيد عن مواضيع الألم والبكاء، الغربة والهجرة.


في القسم الثاني من الفصل الأول تطرق الناقد لخصائص موضوعية وفنية :


1 - الخصائص الموضوعية في المدرسة الرومانسية:



وقد لاحظنا أن النزعة الذاتية هي السمة التي تطبع أغلب قصائد شاعر الرومانسية، وهي التي ينطلق منها الشاعر الرومانسي للتعبير عن إحساسه ومكنوناته الداخلية عبر البوح، اعتمادا على تجربته الشخصية وكل ما يخالج نفسيته من عواطف جياشة ، سواء كان حزن أوكآبة التي تطبع أغلب شعراء الرومانسية وتفوق كل الوصف في التعبير كما في قصائد ابو القاسم الشابي، .كما تغنوا عن الطبيعة في أشعارهم و عن الحب، الحنين إلى الوطن، الحديث عن المرأة، القضايا الكونية والفلسفية والتأمل في الوجود .

2- الخصائص الفنية للمدرسة الرومانسية :



تميزت اللغة بالسهولة والبساطة حيث مزجوا الشعر بالنثر، كانت هناك ثورة على الأوزان والقوافي، و اختاروا البحور الصافية والمجزوءة، كما اعتمدوا على كلمات وتعابير ذات ايقاع موسيقي أسير الحزن، واستخدام الألفاظ الموحية، وأغلبها ألفاظ مستوحاة من القلب والزهرة والبحر، اعتمادا على الرموز، وتكثيف الصورة الفنية ثم اللجوء الى أسلوب التكرار.


يقول ابراهيم ناجي :


يافؤادي رحم الله الهوى


كان صرحا من خيال فهوى.

÷÷الفصل الثاني

كتاب ظاهرة الشعر الحديث يتكون من أربعة فصول موزعة  كالتالي :

بعد الفصل الأول الذي يخص التطور التدريجي للشعر، جاء الفصل الثاني بعنوان الغربة والضياع، وسنحاول في هذا الفصل الأخير أن نتطرق للمضمون هذا الجزء مع أهم ماجاء به المؤلف من عوامل وأسباب تطور الشعر العربي  من خلال كتاب ظاهرة الشعر الحديث.

ظاهرة الشعر الحديث الجزء الفصل الثاني

 

تلخيص الفصل الثاني من مظاهر الشعر الحديث

استفتح الناقد أحمد المجاطي في هذا الفصل بذكر أهم العوامل المساعدة على نشأة الشعر الحديث، وقد تجاوز التجربة القديمة التقليدية والرومانسية .

1-ماهي أهم العوامل التي ساهمت في تطور الشعر الحديث؟

لخص الكاتب هذه العوامل في عدة أسباب وهي فيما يلي:

-النكبة الفلسطينية لسنة 1948م والتي كان لها اثرا كبيرا في نفسية الشاعر العربي، الذي انتفض أمام المعرفة التقليدية، وتغيرت نظرته للشعر القديم فاعتبره سبب هذه الهزيمة وتخلف الأمة العربية، وانطلق نحو التنقيب والبحث عن التجديد باحتكاكه بالثقافة الأجنبية.

-الإنفتاح على الآداب الغربي والشرقي حيث كان الأدب في الدول الغربية مزدهرا أنذاك، وكان الشعراء العرب يتطلعون لأعمالهم الأدبية من شعر، رواية عالمية، مسرح....الخ.

- التأثربأعمال بعض المبدعين العالميين مثل: فلاديمير، والتركي ناظم حكمت، توماس أليوت صاحب قصيدة " الأرض والخراب"، كويستن هيو اودن، بابلو نيرودا...

أي التأثر بعامل المعرفة من خلال أعمال الروائيين والمسرحيين و....

2-أسباب ظهور معاني الغربة والضياع :

جاء الشعر الحديث بمعاني الغربة والضياع والتمزق بشكل مستفيض في إبداع الشعراء المستحدثين، كلمات أثارت انتباه الدارسين، ظاهرة جعلتهم يبحثون عن عوامل هذا الآداب الحديث، وعن أسباب هذه المعاني التي لفتت فضولهم.

وعند البحث والتدقيق خلص الباحثون إلى ارجاع هذه الظاهرة الى عوامل عدة عوامل من بينها:

- التأثر بأعمال بعض الشعراء الغربيين من أمثال توماس اليوت في قصيدته "الأرض والخراب" وخاصة مع الشاعر العربي "بدر شاكر السياب".

-والتأثر بأعمال بعض الروائيين والمسرحيين الوجوديين الذين كانوا يؤمنون بالفلسفة الوجودية، كألبير كامو، وجان بول مارتن، وبعض الناقدين مثل كولن ويلسن..

-عامل المعرفة، فالشاعر العربي أصبح يمتلك المعرفة التي تعتبر الزاد والسلاح التي تجعله في قدرة التعامل مع الكون والحياة، لكن في نفس الوقت أصبح أكثر هما وغربة وضياعا.

3-مظاهر الغربة في تجربة الشعر الحديث

الضياع والغربة التي جاءت في المؤلّـًف قسمها الكاتب في ظاهرة الشعر الحديث الى أربعة أنواع:

الغربة في الكون

الغربة في المدينة

الغربة في الحب

 الغربة في الكلمة

قسّم الكاتب  الغربة في ظاهرة الشعر الحديث إلى أربعة أنواع:

- الغربة في الكون

  هي نتاج نكبة فلسطين وضياع أمجاد التاريخ والشعور بالذل والمهانة مما جعلت الشاعر يعتزل الحياة ، هذه الهزيمة جعلته يرى الحياة بمنظور عبثي ليست له حماية ولا قانون تائه بلا خالق، وأنه وحيدا يرفض العيش ويشك في كل شيء، وأصبح يتمنى الموت لأنها خلاصه مادام الكون بالنسبة شيء لا يحكمه القانون  ولا عقل أو منطق.

- الغربة في المدينة 

  ينقل هنا الكاتب أن الشعر الحديث تسيطر عليه أحاسيس المدن الكبرى، فقد جاءت مجموعة من القصائد تتحدث عن المدينة، ومدننا العربية فقدت مظاهر الأصالة، وأصبحت هندسة بيوتنا تضاهي مثيلتها في الغرب، (العمارات – الطرقات..)  والشاعر العربي الحديث اعتبر هذا التقليد لا يناسب الواقع العربي المهزوم، مما جعله يشعر بإحساس الغربة. فجاء شعره تعبيرا عن هذا الإحساس.

- الغربة في الحب

  يرى الباحث أن الشاعر الحديث فشل في تحقيق الطمأنينة والسكينة بداخله بتكوين علاقة حب مع المرأة هذا الحب الذي تحول إلى مرارة، ولم تعد أنوثة المرأة وجمالها وكل جسدها يحقق ذلك التوازن النفسي والاستقرار الداخلي، و تلك الرغبة التي تكفيه للتخلص من كل همومه وشعوره بالوحدة.

-الغربة في الكلمة  

  اعتقد الشاعر العربي الحديث أن بالكلمة، والشعر، يستطيع أن يغير الواقع الفاشل المهزوم، وأن القلم مثل حد السيف، له دوره المهم في إصلاح المجتمع، إلا أنه اصطدم بالواقع حين اكتشف غير ذلك، وجعله يدخل في حالة الإحباط واليأس والصمت، هذا الأخير الذي قاده إلى مغارة الغربة، حين لم يعد للشعر وزن ولا للكلمة قيمة وهمة.

وفي القسم الأخير من الفصل الثاني، انتهى الناقد من تحديد أنواع أخرى من الغربة في الشعر الحديث، وذلك بتحليل قصيدة "فارس النحاس" للشاعر عبد الوهاب البياتي ، حيث تحدث عن ألوان أخرى من الغربة، منها :

الغربة في المكان، والغربة في الزمان، إحساسه بالعجز، وتشبثه بالحياة، والشعور بالموت، والاحتماء بالصمت.

÷÷الفصل الثالث

عرف الواقع العربي في القرن العشرين مجموعة من الأحداث المتناقضة، تأرجحت بين الهزيمة والانتصار، والأمل واليأس، وإذا كانت تجربة الغربة عبرت عن حاضر الأمة العربية الذي تفشى فيها الخراب والدمار والانحطاط بسبب النكبة، فإن تجربة الحياة والموت شملت المستقبل.



 


تطرق هذا الفصل إلى مجموعة قضايا وهي :

التحول عبر الحياة والموت، وطبيعة الفداء في الموت وجدلية الأمل واليأس، ومعاناة الحياة والموت.

كانت الأحداث الحزينة والمؤلمة محط إلهام الشاعر، ومن أهمها نكبة فلسطين التي كان لها أثر كبير على نفسية الشاعر العربي، وهذا أدى إلى اليأس والإحباط والغربة والضياع الذي عبر عنهم في كثير من شعره.

لم يقتصر الشعر العربي الحديث على هذه الأشعار الحزينة القلقة، بل كانت هناك أحداثا أخرى تبعث عن الأمل، مرتبطة باستقلال الدول العربية ووحدة مصر وسوريا وتأميم قناة السويس، وهنا انبثق شعر الأمل والحياة واليقظة والتجدد والانبعاث وهذا ما يدور حوله الفصل الثالث.

وجد الشاعر العربي نفسه أمام هذه الأحداث في واقع متناقض ومختلف عن تاريخه الحافل بالأمجاد والازدهار الذي يعتبره الحياة، وبين مرحلة الإنحطاط والتدهور وهي مرحلة الموت ثم النهضة التي يرى فيها البعث.

وسيرصد الناقد تجربة الموت والحياة عند أربعة شعراء وهم : أحمد سعيد "أدونيس"، بدر شاكر السياب، خليل حاوي، عبد الوهاب البياتي. كل شاعر منهم وجد وسيلة للإنتقال من حالة اليأس (الموت) ويعني التخلف وسقوط الأمة، إلى حالة الأمل (الحياة) و تعني النهضة والتطور.


I- تجربة الموت والحياة عند أدونيس ومفهوم التحول


أدونيس : وسيلته نحو تحقيق الحياة والبعث هي التحول، ويرى فيه قانون الحياة، فالتحول عند الشاعر أدونيس لحظة موت وجود والمقصود هنا (التخلف) ليحل محله وجود أخر مغاير أي (النهضة) والتطور والازدهار، فالشاعر هنا يرى نفسه جزء من هذا الواقع العربي الميت والمتخلف ومع ذلك يؤمن بإمكانية بعثه. وأن التحول يخص الإنسان كما الحيوان والنبات والأشجار وحتى الكواكب، بعد غروب الشمس هناك شروق. قانون لا مفر منه وهو سبيل بعث الحياة والموت.

وقد عبر عن ذلك أدونيس في قصائده الشعرية حين يبدي الحيرة والتساؤل بخصوص الواقع المتخلف والموبوء، ويبحث له عن حل ووسيلة لبعث الحياة فيه. كما وظف كذلك مجموعة من الأساطير للتعبير عن مبدئه.


II- تجربة الحياة والموت عند خليل حاوي ومفهوم المعاناة


الشاعر اللبناني خليل حاوي : اقترح مفهوم المعاناة على عكس أدونيس الذي اعتمد على مبدأ التحول، فلفظة المعاناة لها مكانة بارزة في مقدمات قصائده، كما أن الإحساس بإفلاس الحاضر وضعفه أصبح بالنسبة إليه حاجزا يعوق عملية الاختراق والتطهر التي تسبق الولادة الجديدة، بمعنى عسر الأمة العربية على الخروج إلى الحياة المزدهرة، وهذا يشبه حالة المخاض ويستحق الصراع والمعاناة من أجل الوجود (الولادة)، وعملية التحول من موت إلى الحياة قد يطول أمدها وقد لا تتحقق إلا مع الأجيال اللاحقة.وهذه بعض الأبيات الشعرية من قصائد الشاعر :

أنتم أنت يا نسل إله

دمه ينبت نيسان التلال

أنتم أنتنّ في عمري

مصابيح، مروج وكفاه

وأنا في حُبّكم، في حبكنّ

وفِدى الزنبق في تلك الجباه

أتحدىُّ محنة الصـّلب،

أغاني الموت في حبّ الحياه.


III- تجربة الحياة والموت عند بدر شاكر السياب ومفهوم الفداء


الموت عند بدر شاكر السياب هو الفداء، ويعتقد أن الخلاص لا يكون الا بالموت ، لأن الموت والمزيد من الفدائيين هو انتصار للحياة لأنه شرط أساسي للبعث.

ويرى الباحث أن قصائد السياب جاءت مثقلة بمعاني الموت، ويبرز هذا جليا في قصائده "النهر والموت" حين ختم القصيدة بـ " إن الموت انتصارا"، وطبيعة الفداء في الموت تزداد عمقا وشمولية حين تأخذ الصبغة الأسطورية كما جاء في قصيدته "المسيح بعد الصلب". مِؤكدا أن حياة المسيح بعد الصلب ستكون خصبة وأعظم من حياته السابقة، كماأن موته سيمثل بعثا حقيقيا لأمة بأكملها.

لكن فكرته لن تنجح أذا امتنع البطل عن فكرة الفداء والموت وجوارحه مرتبطة بالحياة ! حينئذ تفقد الأشياء قدرتها على التجديد، وإذا حدث بعث فسيكون بعثا زائفا.


IV -عبد الوهاب البياتي وجدلية الأمل واليأس



انطلق البياتي من فكرة جدلية الحياة والموت، وأن مصدر الأمل عنده هو قيام الثورة التي لا ترتبط بمكان أو زمان، وأن الشعوب التي قامت بثورة تحقق لها الأمل كالثورة الصينية والفرنسية والثورة الروسية.

ومن خلال دراسة المجاطي لتجربة عبد البياتي ميّز بين مرحلين في حياته...

-
أولا : قدرة الشاعر الكشف على واقع الانهيار الذي آل اليه المجتمع العربي.

-
ثانيا : النزعة التفاؤلية التي سيطرت على المضمون العاطفي لأعماله.

أما مصدر اليأس فيرتبط بالثورة العربية التي توظف كل طاقاتها لإجهاض نفسها كلما سنحت الفرصة لذلك. ويظهر الصراع الجدلي بين الموت والحياة في شعر البياتي من خلال ثلاثة منحنيات :

منحنى الأمل : وهو انتصار الحياة على الموت وهي الخطوة التي تقود إلى الحياة (النار والكلمات - الكلمات لا تموت - سفر الفقر والثورة(

منحنى الشك : انتصار الموت على الحياة، حين يبدأ الشك في النضال.(ديوان الموت في الحياة(

منحنى الانتظار : هنا تكافؤ بين الحياة والموت ولا ينتصر أحدهما على الآخر كما في ( ديوان الذي يأتي أو لا يأتي).


وخلص المجاطي في هذا الفصل الثالث إلى أن هذه التجربة لم تلق تجاوب الجمهور العربي لهذا الشعر الحديث .

V -أسباب عدم تجاوب الجمهور العربي مع الشعر الحديث


وختم الناقد أن هذه التجربة لم تلق استحسانا من الجمهور العربي نظرا لمجموعة من الأسباب :

-
العامل السياسي: ويتجلى في خوف الحكام من المضامين الثورية لهذا منعوا بعض الدواوين الشعرية وسجنوا أو نفوا بعض الشعراء.

-
العامل الديني : الخوف من قيام هذه التجربة الشعرية بتشويه الشخصية الدينية والقومية العربية.

-
العامل الثقافي : اقتناع بعض المثقفين منهم النقاد والقراء بجمالية الشعر القديم، ورفضهم للتجديد والشعر الحديث.

 

÷÷الفصل الرابع

قراءة ظاهرة الشعر الحديث الفصل الرابع

يبدأ أحمد المعداوي في الفصل الرابع بتحليله للتغيرات التي عرفها الشعر الحديث الثائر على الأشكال العربية القديمة التي كانت تقيد الشاعر، وتمنعه على التعبير عن ذاته وواقعه وتطلعاته، سعيا وراء البحث عن التغيير تحرره من المعجم التقليدي القديم، و ابتكار شكلا جديدا يتناسب مع حالته النفسية، وهذا ما سيبرزه الناقد المعداوي في هذا الفصل.

 جدّد الشاعر الحديث في شكل القصيدة لغة وتصويرا وايقاعا، وهنا يتطرق الناقد إلى التحولات التي أصابت الشكل الشعري في القصيدة العربية الحديثة وذلك على مستوى : 

-         تطور اللغة في الشعر الحديث

-         التعبير بالصورة في الشعر الحديث

-         تطور الأسس الفنية أو الإيقاع الموسيقي في الشعر الحديث

 

تغيرات الشعر العربي الحديث على مستوى اللغة والصورة والايقاع

 

يرى أحمد المجاطي أن لغة الشعر الحديث تتميز بعدة خصائص وهي :

-         النفس التقليدي في لغة الشعر الحديث

-         البعد عن لغة الحديث اليومي

-         السياق الدرامي للغة الشعر الحديث

النفس التقليدي  الممثلة في تجربة بدر شاكر السياب: استخدم الشاعر هنا لغة جزلة وعبارة فخمة فصيحة ذات النفس المتين التي ورثها من دراسة للشعر التقليدي والذي تمثل في قصيدة "مدينة بلا مطر"و "منزل الأقنان"

البعد عن لغة الحديث اليومي تجربة أمل دنقل : تتسم لغة الشاعر هنا بالغموض تنتهك معايير العقل والمنطق، لغة انزياحية وتبتعد عن لغة الحديث اليومي ولا تهدف إلى التواصل في التعبير .

السياق الدرامي للغة الشعر الحديث كما عند أدونيس : تتميز لغته بفن الانزياح، نابعة من أعماق ذات الشاعر وتتجه إليه، والحوار مع نفسه.

أما بالنسبة للإيقاع : أما بالنسبة للأسس الموسيقية للشعر الحديث، قامت ثورة على الموسيقى، بحيث بدًّل الشعراء نظام الشطرين بالأسطر ونظام البحر بالتفعيلة، كما اعتمدوا على القوافي المتعددة وخضعوا للبحور الصافية، دون تغيير للوزن وما يتصل به من إيقاعات وقيم عروضية.

وفي الصورة الشعرية :  لتطوير التجربة الشعرية، تعدى الشاعر الصور البيانية التقليدية واللغة التقريرية المباشرة عند الشعراء الإحيائيين المرتبطة أساسا بالتجارب الذاتية عند الرومانسيين، نحو تجربة جديدة اعتمد فيها على صور وظف فيها التعبير المستنبط من الخيال، و كلمات رمزية وأساطير وتشغيل لغة الانزياح.

المنهج المعتمد في دراسة الفصل الرابع من مؤلف ظاهرة الشعر الحديث

منهجية الشعر الحديث هي الدراسة التي يقوم بها الناقد لمعرفة تطور الشعر العربي، والمسار الذي يسلكه في البحث والتنقيب عن جواهر المعرفة، و اكتشاف العوامل التي ساهمت في الانتقال من الإحياء والذات إلى مرحلة التحرر من قيود التقليد، وإذا كان الفصل الأول يعتمد على  تحليل التطور التدريجي في الشعر الحديث من خلال المنهج التاريخي والمنهج الاجتماعي والمنهج الفني. والفصل الثاني تجربة الغربة والضياع معتمدا على المنهج الموضوعاتي والمنهج النفسي. والفصل الثالث تجربة الحياة و الموت، تطرق فيه الناقد للمنهج الموضوعاتي والمنهج النفسي ثم المنهج الأسطوري، ففي الفصل الأخير الرابع، اعتمد على الشكل الجديد من خلال المنهج الفني..

اعتمد المجاطي في دراسة ظاهرة الشعر على هذه الخصائص مع تفسيرها بإيجاز :

المنهج التاريخي:  عند ربط الشعر العربي بمجموعة من الأحداث التاريخية ..

المنهج الاجتماعي: ربط المبدع ببيئته الاجتماعية..

المنهج الموضوعي: اعتمد فيه الناقد على تجربتي الغربة والضياع والحياة والموت والبعث.

المنهج النفسي :  الذي يتمثل في انغماس نفسية المبدعين الرومانسيين والحداثيين في أشعارهم .

المنهج الفني : حدد الناقد الخصائص الفنية للشعر الحديث من لغة وأسلوب والإيقاع والصورة الشعرية.

خاتمة الفصل الرابع من ظاهرة الشعر الحديث

 

يعتبر كتاب ظاهرة الشعر الحديث من أهم المؤلفات النقدية التي أحاطت الشعر العربي بكل جوانبه، تطرق فيه الناقد إلى كل الانعطافات والمراحل التي مرت بها القصيدة العربية وفقا لنظريته الحذرة الحكيمة الواضحة، وقد ساهم احمد المجاطي في إغناء الحقل الأدبي والجانب النقدي بإسهامه هذا التحليل الرصين الذي سلك  فيه طريق المناهج المتعددة، وتحاليل متفرعة، وخضع فيه لمقاييس ذاتية انطباعية، عرض فيها تجربة الشعر الحديث بالدرس والتحليل باختلاف الحجج من خلال تجربة الشعراء الحداثيين والاستشهاد بمجموعة من الأبيات الشعرية، أبرز فيها نقط الضعف والقوة في كل منهج.

 وضّح الناقد في خاتمة كتاب ظاهرة الشعر الحديث الفصل الرابع من المؤَلّف ((باك-Bac)) كل التغيرات التي عرفتها القصيدة الحديثة على مستوى الفني، والثورة على شكل الشعر القديم وتغيير جديد في الأسلوب (اللغة والإيقاع والصورة)، وتتبع حركة الشعر العربي بدءاً بمدرسة البعث والإحياء وصولا إلى الشكل الجديد والتركيزعلى المضمون والشكل.

ويرى الناقد في النهاية أن عامل الحداثة في الأساليب هو السبب في غموض الشعر الحديث، وفق نظريته الواضحة المعالم، وحسب رأيي ومع توالي النكبات سيزداد الشعر العربي تطورا و تجديدا.

 

"الروح والجسد " كتاب مصطفى محمود

كتاب الروح والجسد مصطفى محمود الروح والجسد مصطفى محمود "الروح والجسد" كتاب للكاتب المصري مصطفى محمود ، وهو عبارة عن مجموعة من المق...