قراءة وتحليل رواية مذلون مهانون
من خلال قراءة رواية مذلون مهانون للوهلة الأولى يشعرك الكتاب أنك أمام مسلسل كلاسيكي قديم، لشخصيات متهورة، تتحدث عن الحب بين الطبقات، ورغبة الشباب في التمرد على الموروثات البالية، و عن صرامة الأبوين، غير أن الأمر لا يخلو من دراما الفراق، الوداع، والبكاء، ثم الموت في كثير من النهايات.
رواية مذلون ومهانون |
حين تتمعن في قراءة وتحليل رواية مذلون ومهانون، تتعدد القراءات للروائي العالمي والأديب الروسي فيودور دوستوفيسكي : فهناك من يقرأها قراءة سطحية عابرة و هناك من يسبر أغوارها و يكتشف معانيها بين الحروف والكلمات…
في باطنها معاني عديدة رسمها الكاتب بعناية فائقة لقدرته الكبيرة على معرفة وتحليل نفس البشرية، و وصف أدق الحالات والانفعالات.. تحليل مقومات ضعفها وقوتها .
عرض دوستويفسكي لرواية مذلون مهانون الأكثر من رائع، تتجلى براعته في القدرة على تحليله النفسي الباهر ، ذكره للتفاصيل الكثيرة، رواية تجعلك تعيش بين سطورها و في كنهها و كأنها طبيعية وحقيقية.
تلخيص رواية مذلون مهانون
ظهرت خيوط هذه الرواية بين أزقة سانت بطرسبرغ، حيث يقوم ايفان بتروفتش بملاحقة عجوز طاعن في السن ويكتشف بأن هذا العجوز الإنكليزي الأصل سميث يعيش في شقة رطبة ولديه حفيدة ذاقت جميع الوان الشقاء وهي صغيرة. ثم يرجع الراوي "ايفان بتروفتش" في الزمن إلى الوراء حيث يذكر كيف كان يعيش مع أسرة نيكولاي اخمينيف في قريتهم اخمينيفكا مع زوجته انا اندرييفنا وابنته ناتاشا التي يحبها ايفان من كل قلبه، وكيف جاء إليهم الأمير فالكوفسكي طالبا من العجوز اخمينيف ان يدير قريته، حيث يقوم بالاحتيال عليهم بعد عشر سنين مدعيا بأن اخمينيف كان يسرق من ماله وان ابنته ناتاشا أغرت ابنه “ابن الأمير” اليوشا الأمير ألكسي الذي يتصرف كالأطفال بسذاجته.
رواية مذلون مهانون تعبر عن الخضوع غير المحدود، و الإستعداد لتقبل الذل و المهانة، والانصياع بكل استكانة وضعف، كما أن شخصيات الرواية تندمج في هذا الانقياد طوعا حتى ليظن المرء أن شخصيات هذه الرواية هم مجموعة مرضى، مجانين..
تختلف الشخصيات في هذه الرواية، باختلاف موقعها و تتفاوت مشاعرها وإحساسها، حتى يبرز ذلك الصراع الروحي و الشعوري الذي يدفع المرء إلى التضحية دونما تردد، وهذا ما نجدة في هذا الحب الغريب الذي تحملة ناتاشا و كاتيا و هما الغريمتان للشاب الطائش الخفيف أليوشا .
حيث يتساءل المؤلف كيف استطاعت فتاة مثل ناتاشا المليئة طهارة و حرارة و عقلاً أن تفتن بشاب تافه مثل أليوشا !؟
كيف يمكن لناتاشا وحيدة والديها أن ترميهما في البؤس؟.
ذلك ما يقدمة دوستوفيسكي في هذه الرواية بعبارات عنيفة قوية تعبر عما يصف به الحب الجارف من إلتباس و تنناقضات .
وتحكي الرواية أيضا عن قصة " إلينا نيلي" يتيمة تبلغ من العمر ثلاثة عشر عامًا ، والتي ينقذها فانيا من منزلٍ كانت تتعرض فيه للإساءة ويأخذها إلى شقته وهي ابنة أحد أبطال الرواية والتي يتم التعرف عليه من خلال وثيقة، وقصة والدة نيلي متقاربة نوعًا ما مع قصة ناتاشا التي لم يبقَ بصفّها بعد أن لعنها والدها نتيجة آلامه سوى صديق طفولتها إيفان بتروفتش الذي يعشقها بشدة والتي رفضته من قبل، وبالعودة إلى أليوشا فبعد خطة والده يقع في حب كاترينا مع احتفاظه بحبه لناتاشا ويتمزَّق بين هاتين المرأتين لافتتانه بكلتيهما، وتقرر ناتاشا في النهاية والتي كان لإيفان ونيلي الفضل بعودتها لأسرتها التضحية والانسحاب من حياة أليوشا.
وفي نهاية رواية مذلون مهانون تخطط عائلة ناتاشا للانتقال من بطرسبيرغ لكن قبل رحيلهم تقع عدد من الأحداث والتي لن يتم الكشف عنها إلى جانب عدد من الأحداث المحورية التي تم التستُّر عليها.
قراءة رواية مذلون مهانون
أما آن لهذه الشمعة أن تنطفئ؟، سؤالٌ تبادر إلى ذهنه بينما يرقد على سريره في غرفته، وحيدًا، يلفظ أنفاسه الأخيره، مُسلطًا عينيه المجهدتين على شعلة الشمعة المتراقصة، كان يراهن نفسه أنه مع انطفاء هذه الشمعة ستنتهي معاناته، وتوضع نقطة النهاية لحياته. حاول أن ينهض عن سريره، يريد أن يذهب إلى مكتبه الصغير كي يخرج مخطوطات رواياته، يتأملها، ويقضي آخر لحظاته بصحبة أبطالها، الأبطال الحقيقين أحيانًا والخياليين في أحيان أخرى، ابتسم فور تذكره لرهانه القديم مع نفسه بأنه سيموت وحيدًا يومًا ما بينما يتصفح كتاباته، وها هو يكسب الرهان.
بعد فشل محاولاته للنهوض، تلفّت يمينًا ويسارًا بحثًا عمّا يسنده، لمح دُرجًا مفتوحًا في المنضدة القابعة بجوار سريره، تذكر روايته الأخيرة التي حرص دائمًا على أن تكون بجواره، روايته الأقرب إلى قلبه، روايته التي ترك فيها جزءًا من سيرته، جزءًا من روحه وقلبه، كم أرهقته كتابتها!، وكم بكى وهو يسطر وقائعها، ابتسم فور تذكره لهذا البكاء، وتساءل: هل أبكَت احدًا غيره يا ترى؟. نفض الأسئلة المتزاحمة برأسه وتحامل على نفسه كي يتزحزح قليلًا ناحية تلك المنضدة، أسند جسده الهزيل على الدرج بينما يلتقط بيديه حزمة من الأوراق وبعض الرسومات، كانت رسومات كاريكاتورية لشخصيات روايته الحقيقيين، تبرع بها صديق له رسّام، تأمل الرسومات أولًا متذكرًا يوم اتفق مع أبطال روايته الذين بقوا على قيد الحياة كي يرسمهم صديقه، وحين انتهى من رسمهم فرفضوا أن يستلموا رسوماتهم، وقرروا جميعًا أن يهدوها إليه، حتى إذا ما شعر بالحنين إليهم يومًا يجد بعض العزاء فيها؛ وضع الرسومات بجواره، ثم فضّ حزمة الأوراق، لتنفرط إلى حزمة كبيرة وعدة حِزم صغيرة، أما الكبيرة فهي الرواية، وأما الحزم الصغيرة فكانت عبارة عن مسودات صغيرة منفصلة لكل شخصية على حدة، داعب الأوراق بأنامله، قربها من أنفه كي يستنشق رحيقها، دموعه الساخنة ترقرقت وانهمرت على خديه الشاحبين، ضمّ الأوراق إلى صدره محدقًا في سقف الحجرة، وبدأ يسترجع أحداث الرواية: حكايته معهم، مع أقرب خلق الله إلى قلبه، المُذلون المُهانون.
ويرسم دوستوفيسكي في أعماله الفرق الطبقي في روسيا القيصيرية ومعاناة الطبقات الفقيرة والمعدمة ووضع روسيا الإقتصادي والإجتماعي المذري في عصره المتدني كحال من يعاني فواتير الغاز والكهرباء في وقتنا الحالي، ويقارن وضع روسيا بالمقارنة مع أوروبا فيجعل والدة نيللي تطوف أوروبا كلها مع صديقها هنري وتعيش حالة حسنة ورغدة ولكنها تموت فقيرة مريضة في قبو عندما تقرر العودة إلى وطنها، بينما يزداد الأغنياء ثراءً و يطمعون بممتلكات الطبقات الأدني ويستغلونهم، ويرسم لشعبه أيضا أن طريق الخلاص الوحيد للطبقات الفقيرة ولبعض الطيبين لمواجهة الشر ليس الثورة، وإنما التسامح والتبرع و التكاتف الاجتماعي لتأمين حياة أفضل.
شخصيات رواية مذلون مهانون
إيفان بتروفيتش - " فانيا " الشخصية الرئيسية، راوي القصة، يتيم تربى في منزل نيكولاي أخمنيف
نيكولاي سرجتش أخمنيف - مالك قرية أخمنيفكا، ومدير أملاك الأمير بطرس ألكندروفتش فالكوفسكي.
آنا آندريفنا خوميلوف - زوجة نيكولاي سرجتش أخمنيف.
ناتاشا نيكولايفنا - ابنة نيكولاي أخمنيف وآنا أندريفنا الوحيدة.
الأمير بطرس فالكوفسكي صاحب قرية فاسيلفسكوني.
الأمير أليكسي " أليوشا " - نجل الأمير فالكوفسكي الوحيد.
ايلينا جرمي سميث - عجوز روسي يترك رسالة غامضة لإيفان بتروفيتش قبل موته بلحضات.
(نيللي) - حفيدة السيد جرمي سميث.
مافرا - خادمة في منزل أليوشا وناتاشا
الكونتسة كاترينا فيدروفنا - زوجة الأمير أليكسي في المستقبل.
الكونتسة زينائيد فيدوروفنا - أم الكونتيسة كاترين بالقانون.
آنا تريفونوفنا " مدام بوبنوفا " - سيدة تولت إيلينا بعد وفاة أمها.
فيليب فيليتش " ماسلوبويف " -صديق إيفان بتروفيتش أيام الدراسة.
سيزوبريوخوف - فتى ورث عن أبيه ثورة طائلة
أرشيبوف - تاجر خمور
ألكسندارا سيمينوفنا - فتاة تساكن فيليب فيليتش.
اقتباسات من كتاب مذلون مهانون
_"أنا امرؤ حقود شديد الحقد أثأر لنفسي وأنتقم من خصمي . إني اعرف كيف أدافع عن مصالحي . لست أخاف منها وسيتم كل شيء وفق إرادتي ..ما في ذلك ريب".
_" استمرَّت تبكي لفترة طويلة، وهي تخفي وجهها بين الوسائد كما لو كانت تشعُر بالخجل مني، لكنها ظلَّت تمسك يدي بقوة وهي تضَعها على قلبها" .
_"إنها في حاجة إليك، وأنت لا تلاحظ ذلك وهذا ما يحز في نفسها أكثر من أي شيء آخر".
_"إننا نخلق لأنفسنا أحزانا وأشجانا ...ونظل نشكو ونتوجع ... "
_"أحبَّ نفسك أولا أيها الانسان ..تلك هي القاعدة الوحيدة التي اعترف بها."
_"أخذتها فوراً إلى سريرها، لكنها كانت لاتكفّ عن التعلُّق بي كما لو أنها خائفة، وراحَت ترجوني لكي أحميها من شخص ما. وحتى لمّا اضطجَعَت في سريرها، ظلّت متمسكة بيدي، شادّة عليها بإحكام مخافَة أن أنصرف من جديد.
_"إنني منذ لقيته اول مرة، شعرت بحاجة لا تقاوم الي ان يكون لي، الي ان لا يري احدا غيري، الي ان لا يعرف احد غيري، غيري انا. كنت دائما اتمني بعنف و حرارة ان يكون سعيدا كل السعادة الي الأبد .. لقد كنت احبه كله و كفي .. كنت احب ان اغفر له، كنت اجد في العفو عنه سعادة كبيرة. كنت أتخيله دائما صبيا صغيرا، يلقي راْسه علي ركبتي و انا جالسة، و يغط في نوم عميق، و أداعب انا شعره .. على هذه الصورة كنت أتخيّله دائما، حين لا يكون معي."
- تحميل كتاب مذلون مهانون :
هنا 👇
المؤلف: فيودور دوستويفسكي (Fyodor Dostoevsky)
المترجم: د.سامي الدروبي
عدد الصفحات : 553
كتب : amazon
👇
👇
ملخص رواية الليالي البيضاء دوستويفسكي
👇
ملخص رواية الاخوة كارامازوف دوستويفسكي