موسم الخطوبة بإملشيل
لكل بلد في العالم أسطورة، وللمغرب أساطير امتدت لقرون من الزمن، وموسم الخطوبة بإملشيل من المهرجانات التي تحتفل بها مناطق جبال الأطلس، يعقد فيه قران الأزواج، ويمتد الاحتفال مدة اسبوع من الرقص والغناء .
ماهي قصة موسم الخطوبة بأملشيل؟
إسلي وتسليت الأسطورة، حكايات تتناقلها بعض القبائل شفهيا، يصعب تصديقها بمنطق العقل، لما فيها من أحداث خيالية وهناك من يجزم أنها قصة من التاريخ. والرواية تقول أن عداوة بين فرعين من نفس القبيلة التي هي أيت حديدو، أحب شاب من قبيلة أيت ابراهيم فتاة من قبيلة أيت يعزة، فرفض الأهل تزويجهما لأنها قصة عشق ممنوع حسب الأعراف والعداوة التي بين القبيلتين، وأمام هذا الرفض، فرا العشيقان إلى جبل مجاور، أذرفا سيلا من دموع اليأس والإحباط حتى تفجرت عيون في المكان و شكلت بحيرتين باسم " إسلي" العريس و "تسليت "العروس.
وقصة أخرى تقول أن أمام حاجزالرفض العائلي، اسود سبل الحياة، وصعب كسر حاجز الوفاق، فألقت الشابة بنفسها في البحيرة، تاركة الحسرة والألم في نفس عشيقها الذي لم يحتمل خبر وفاتها حين أدرك أن حبيبته انتحرت، فشد رحاله إلى عالم البرزخ حتى يلتقيها في سلام، فلم يخذل وفاءه لها، ورمى بأنفاسه الأخيرة في البحيرة ، هكذا وضعا حدهما للحياة بعناق الموت، بعد أن تيقنا أن حبهما لن يذيب جليد العصيان، ليخلدا بذلك ذكرى تشبه رواية روميوو جولييت الأبدية، بالنسخة المغربية.
أسباب تخليد ذكرى موسم الزواج بإملشيل:
أمام شعور القبيلة بالذنب، وتخليدا للذكرى، صمموا إحياء الحب بين الأفراد والتكفير على ذنب راح ضحيته عشيقان، وباتت القبيلة تنظم مهرجانا يختار فيه الشاب زوجته، بعد أن تدق طبول الاحتفال والرقص، يحضره العشاق ويثير فضول السياح، اختلطت فيه العادات والأسطورة بالحقيقة، يعقد فيه قران مئات الشباب وشابات منطقة إملشيل بشكل بسيط ببساطة أهل المنطقة، وبأزياءهم التقليدية المشرقة، حتى يعكس التراث إشعاعه، و تصمد التقاليد في جو من المرح والبهجة، وهذا يعطي للمهرجان بعدا ثقافيا وإنسانيا حافظوا عليه لمئات السنيين بعد أن تبنته الدولة المغربية لتضفي عليه رونقا، ويديع صيته أكثر بين الدول تشجيعا للقطاع السياحي والرواج التجاري، وإنعاش المنطقة في فترة الموسم، تخليدا للتقاليد والطقوس المغربية القديمة، و تشجيعا لزواج الشباب في إطار التضامن والمحبة .
بحيرة إسلي وتسليت حسب التفسير العلمي:
شاع صيت المهرجان بين دول العالم، وكتبت عنه مجموعة من الصحف والمجلات العالمية، واثارت كذلك فضول بحث بعض الباحثين الجيولوجيين عن كيفية تشكل البحيرتين بين جبال الأطلس، وكان من بين المهتمين، المغربي الدكتور عبد الرحمن إبهي المختص في علم النيازيك والأحجار الكريمة، والذي شرح كيف كان أول بحثه حين استقبل في المختبر العلمي لجامعة ابن زهر بمدينة اكادير شخصا، يحمل نيزكا من الحديد، جاء من منطقة إملشيل وأخبره أن في المنطقة نيازيك كثيرة وأن العديد من السياح الأجانب حصلوا على كميات كبيرة يرحلونها لبلادهم، فهنا اكتشف الدكتور عبد الرحمن إبهي أن أمام سقوط تلك النيازيك الثقيلة على أرض، فمن الضروري أن تخلف فوهة بفعل الاصطدام القوي، و أن سقوط النيازيك الحديدية الضخمة غالبا ما تشكل حفرا، ومن هنا تأكد أن بحيرتا إسلي وتسليت حفرا نيزكية، وقد أثبت ذلك بوجود رسوما على الحجر مكتوبة بحروف تيفيناغ، تصف سقوط شهبا من الشمس على الأرض، قرب حفرة نيزكية نواحي مدينة أكادير.
ويستمر البحث، وتستمر الأسطورة حتى يصل الجميع إلى حقيقة الحكاية.